*** مدفَنُ العروبةِ ..
شعر : مصطفى الحاج حسين .
تَدَثَّرْ بعباءةِ الانتظارِ
أغمضْ جفنَيَّ جراحِكَ
عُضَّ على أوجاعِ الشَّوقِ
وأغلقْ فَمَ الصَّرخةِ
لا تفتح بابَ الذُّكرياتِ
افترضْ أنَّكَ جُثَّةً أكلها الدُّودُ
أو طائراً اصطادَهُ البرقُ
أو كوكباً دمَّرَهُ الإنسانُ
اجعلْ من قلبِكَ جداراً أصمَّاً
ومن نَبضٍكَ حَبلَ مِشنَقَةٍ
ومن دمعِكَ مصيدةً للرملِ
لا تَطلِبْ ضوءاً لجُوعِكَ
ولا ماءً لهواجِسِكَ
ولا تسلْ كم سيمرُّ من الوقتِ
لتكتشفَ أنَّ ساعتَكَ مُتَوقِّفَةٌ
وأنَّ وطنَكَ صارَ ليسَ لَكَ
تَبَدَّلَتْ الشَّمسُ بالظّلمةِ الدَّامسةِ
والبحرُ صارَ مغسلةً للرمادِ
تناثرتْ حبّاتُ الزَّيتونِ
تحتَ عجلاتِ التَّشَتُّتِ
هناكَ من أدمى تَنَهّداتِ الياسمينِ
وهناكَ من باعَ وشوشاتِ الندى
لفكّيَّ الخرابِ
الموتُ ينظِّمُ الطُّرقاتِ
الجُثَثُ تصطفُّ بلا أسماءٍ
ومن دونِ ملامحٍ
وطوابيرُ الأسرى تتقدَّمُ بنظامٍ
بلا تدافُعٍ أو فوضى
دمارُ المدائنِ يتمُّ بكلِّ تحصُّرٍ
تشرفُ عليهِ دولٌ عظمى
برعايةِ الأمَمِ المُتَّحِدَةِ
مُتَّحِدَةٌ على قتلنا بعُجالةٍ
وعلى تهجِيرِنا في كلِّ الأصقاعِ
وعلى طردِنا ومنعِنا
من الاقترابِ من أسوارِها الشَّائكةِ
وعلى صَلبِنا فوقَ موجةٍ
وسطَ البحرِ الهائجِ
فلا تصرُخْ
لئلَّا يتعكَّرَ الهدوءُ الرَّتيبُ
في مجلسِ الأمنِ الغاشمِ
فهناكَ يبحثونَ
عن مدفَنٍ سحيقٍ للعروبةِ والإسلام ! .
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق