الجمعة، 2 أكتوبر 2020

الفصل السادس من رواية ( ملح السّراب ) بقلم الشاعر مصطفى الحاج حسين


 /// الفصل السادس من روايتي ( ملح السّراب ) :

===============================


##     كان يوماً فظيعاً ، كادت أمي أن تقتل أبي . لأوّل مرّة في حياتي أراها تثور عليه .


        أعرفها دائماً تتحمّل قسوته وضربه وثوراته، لكنها فيما يبدو لم تعد تأبه به ، لقد فقدت صوابها ، هجمت عليه عندما دخل علينا ، وضربته على رأسه بعصا غليظة ، وهي تصرخ بجنون :

- تزوّجتها ياساقط !!! .. تزوّجت أم " عصّ" ؟!؟! ..

ترنّح أبي ، كاد يسقط ، تلمّس رأسه الملفّع " بالجمدانة " ، سال الدّم فوق جبينه ، فنزع " الجمدانة " ، صارخاً بغضب :

- أتضربينني يابنت الكلب !!! .. قسماً بالله لأخنقنكِ .


      انطلق صوت أمّي على غير عادته ، قوياً كأنّه نسي خنوعه ، وهي ما تزال ممسكة العصا بيدها ، تقف متحّدّية متأهبة للعراك :

- أنا التي سأقتلك ، وأقتل أمّ " عصّ " الفاجرة ، ماإن قتل زوجها حتّى خطفتك منّي !! .


         صاح أبي وفي صوته شيء من الليونة :

- ماتزوّجتها إلاّ من أجل أولادها .. أولاد أخي ، صاروا أمانة في رقبتي .


     لكنّ أمي لم ينطل عليها هذا القول ، إنّها تكره " نجوى " زوجة عمّي المرحوم ، فكيف تتقبّل فكرة أن تصبح ضرتها ؟! .

زعقت بوجهه المدمّى :

- أمن أجل أولادها تزوّجتها ياحبّة عيني ، أم من أجل " عصّها " ؟!! .. ألا تخجل من شيبك !!! .. أما كفاك أن تبيع دم أخيك ، أتأكل زوجته وداره ؟!.


            كان التّفاهم مع أمّي ، في تلك اللحظة مستحيلاً ،.لذا فقد خطا والدي نحو الباب ، ويده تمسح دمه السّائل " بجمدانته " ، في حين كان يزعق ، وهو يغادر الدار :

- نعم تزوّجتها ، وهي أفضل منكِ يابقرة ، فافعلي ما تشائين .


         وخرج أبي كالمهزوم ، غير عابئ بصياح أمّي خلفه :

- رايح لعندها ياقليل الناموس !!؟ .. صار عندك داران !.


           ثم التفتت نحوي ، كنتُ واقفاً مع أختي ( مريم ) وأخوتي الصّغار ، نرقب ما يجري بخوفٍ ودهشةٍ وحزن .


وبنظرة ملتاعةٍ منكسرة ، أمرتنا أمّي بالدّخول إلى الغرفة الشّمالية .


                      مصطفى الحاج حسين .

                                 حلب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق