* * * اعذريني لي موعد * * *
لا تنخدع بي فلي موعد مع الكتابة
لي موعد للجنون عل ورقة
و موعد للرقص على خاصرة محبرة
قد تكتبني و تجتث من عروقي ضبابية الحضور على شرفة تخضبت بعصارة التأوه فصارت ذاكرتها منتوفة الريش تغتسل في العراء بكل وضوح .
ليتها تمطر هذا اليوم فقد سئمت تجوال الغيوم الكاذبة
فأنا رجل تسكنني الزوابع و تبحر بي مراكب السحاب في عذرية السماء و تلبّد الفصول
و ها أنت تخلعين ستائر الذاكرة و تدخلين إلي من الشرفة نفسها التي سبق أن دخلت منها منذ سنوات مع صوت المآذن و صوت الباعة و خطى النساء المتلحفات بالحيرة و الأحزان و الأفراح و الشوق و الأغاني القديمة و روائح العطر و البخور و المترنحات على ارادة رجل لا يتعب من الضجيج و الصراخ .
و ها انت تدخلين لي كشجرة توت تلبس الحداد وراثيا كل موسم
حامية الأطراف و الأقدام محمومة الشفاء مجنونة الأطوار .
و إذا بي أسكنك في غفلة من الزمن كأنني أسكن غرفة ذاكرتي المقفلة منذ سنين .
جئت خارقا كهدية من كوكب مجهول لم تتقعه الأرصاد و الفلكيون كزلزال لم تتنبأ به أي أجهزة الهزات الأرضية
كنت زلة قدم أو زلة قدر لا يهم المهم أنك جئت متوجا على منصة السعادة شاهقا جدا أثناء اعتقادنا أن الفرح فعل مقاومة و أن الحزن من ملابس العشاق الضرورية لممارسة طقوس التمزق في مجاري العطش
في ذاك المساء المولع بالشقاء
الشجن يصبح همك الوحيد كيف تفكك لغم الحب
كيف تنزع فتيله الموقوت حتى لا تتشظى بوحا
و كيف تأنف لعنف عناق بعد غياب طويل و كيف تقول أحبك كما لو قلت إني مريض بك
تريد أن تقول كلمات متعذرة دون أن تسقط
و نظراتك تود لو تعانق الأعماق
و تترفع عن التعبير كمرض عصي عن الوصف
تتزاحم بك العبارات لتكبح جموحها في لحظة أنت أشد فيها إلى الصراخ بصوت عالي و تقفز أمامك الكلمات لتخنق ارادتها و تأجلها حتى لا تعريك أمام قدسية هذا الجمال و اللحظة .
تود لو استطعت البكاء لا لأنك تعيس و لا لأنك سعيد أو لأنكما معا و لكن لجمالية البكاء أمام شيئ فاتن لن يتكرر كمصادفة
لموعدنا هذا كان يلزمنا مناطق منزوعة الذكريات خالية من مؤامرة الأشياء علينا
بعيدة عن كمين الكبرياء و الرياء
مناطق مقصوفة النسيان و الماضي
لموعدنا هذا كنت أخشى أن يتسرب الحزن لقدميها
ذلك أن بي شغفا لقدميها و هذه حالة جديدة في الحب فقبلها لم يحدث أن تعلقت بأقدام النساء و هي لم تتعود أن تخلع الكعب العالي لضحكتها لحظة تمشي على حزن رجل مثلي لا يجيد الصبر على خساراته المتتالية أمام رقصتها فوق دمي
لموعدنا هذا كان يجب أن تتعدد الأفواه على جسدي لتقول أحبك
و تنطق كل مفردات العشق دفعة واحدة ذلك أن بي انفجارا هائلا يريد أن يتشظى خارج علبة الجسد و بي جموحا مزمجرا يتخطى حدود المعقول و الحرية .
لموعدنا هذا كان يجب أن تخلق لغة أخري أكثر تعبيرا و أكثر وصلا و أكثر انعتاقا و أكثر هذيانا خارج حدود اللغة
لا تنخدع بي لي موعد مع الكتابة
لي موعد للجنون على ورقة
لي موعد للرقص على خاصرة محبرة
علها تكتبني
~ طاهر الذوادي ~
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق