الاثنين، 28 فبراير 2022

حينَ يبزغُ الفرحَ بقلم الشاعر ~ مصطفى الحاج حسين ~


 * حينَ يبزغُ الفرحَ ...*


                     شعر : مصطفى الحاج حسين .


ماكنتُ أعرفُ الفرحةَ يوماً

أسمعُ عنها .. أقرأُ 

وأتخيٌلُها على شكلِ أمٍّ 

تُرضعُ صغيرَها كي لا يبكي 

كنتُ احسبُها كالنقودِ 

تدفئُ الجيبَ 

كتفَّاحةٍ نأكلُها وقتَ نشتهي 

كالماءِ نشربُهُ عندَ العطشِ 

وأحياناً

كنتُ أشبِّهُ الفرحةَ بالفراشةِ

أو الوردةِ العابقةِ بالشذى 

أو الغيمةِ الّتي تزهو في السَّماءِ 

وكنتُ أظنُّها كالنَّجمةِ 

ترقصُ ببصيصِها 

أو كالقمرِ يطلُّ 

بكاملِ بهائِهِ 

تسبِّحُ في ظلِّ بسمةٍ هانئةٍ 

هكذا كنتُ أتخيَّلُ 

أو أتوقَّعُ 

أو يتهيَّأُ لي 

فأنا لم أعرفِ الفرحَ يوماً

حيثُ نبتَتْ روحي في العراءِ الأجردِ

ونما قلبي في مستنقعاتِ الحزنِ 

الدمعةُ 

تكادُ لا تفارقُ دمي 

والوجعُ يربضُ فوقَ كاهلي 

بكاملِ ثقلِهِ

واليومَ فقطْ 

وبقدرةِ الحبِّ وحدَهُ 

أطلَّ الفرحُ على أعتابِ قلبي 

نوراً غامراً بالنَّشوةِ

حناناً مذهلاً  يهزُّ الأرضَ 

أنساني ألمَ ألفِ عامٍ 

وصيَّر لروحي أجنحةَ 

وانعتقَ الشَجنُ من أوردتي 

زغردتْ مهجةُ الأشواقِ 

وارتفعتْ في قبَّةِ الأحزانِ شمسٌ 

تفجَّرُ ثمارَ الصَّمتِ موسيقى

إنِّي أشهدُ أنَّ للفرحِ

ألفَ بابٍ 

يطلُّ على الدُّنيا 

وألفَ نهرٍ عذبٍ كالنَّدى 

يورقُ بأغصانِ الكلماتِ 

قصائدُ من عسلٍ

واشتدَّتْ أعوادُ النَّبضِ 

لقلبي

لكِ الشُّكرُ على شفائي 

لكِ التَّحيَّاتُ البيضُ 

لكِ أجنحةُ القبلاتِ 

أنتِ 

مَنْ أوقدَ المصباحَ  لِظُلُماتي 

مَنْ أعادَ الدَّربَ لخطواتي 

مَنْ جفَّفَ دمعَ الموتِ 

العالق بي 

شكراً لحنانِ قلبِكِ 

يومَ ربَّتَ على يباسي

شكرا إليكِ 

لحظة أسندتِ انهياري  

ما كنتُ أعرفُ الفرحَ 

لولاكِ

وما كنتُ أعيشُ 

من دونِكِ مولاتي 

أنتِ الزمانُ

أنتِ المكانُ

وأنتِ الوجودُ كلَّهُ 

فَمَا الكونُ 

لو ما كانتْ تضيءُ لَهُ عيناكِ  ؟! *.


                 مصطفى الحاج حسين .

                        إسطنبول



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق