الخلق والمعاد كتاب جديد صدر في عمان - الاردن
.
من موسوعتي ( التفسير الموضوعي للقران الكريم )
.
الخـــلـــــــق والـــمـعـــــــــــــــــــــــاد
.
بقلم : د . فالـــح الكيــــــــــــــــــــــــــــــلاني
3
ج - فنـــــاء الحياة الدنيا - القسم الثاني
(نهاية هذه الحياة )
اما في الارض فهناك جملة حقائق الاولى ان البحار بما فيها المحيطات ستنفجر, وسبب هذا الانفجار سجورها.
قال الله تعالى :
(وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ(
سورةالتكوير الاية \ 6
أي أحميت وارتفعت درجة حرارتها ، والعرب تقول: سجر التنور، اذا وضع الحطب فيه واشتعلت النار فارتفعت درجة حرارته ، ولكي نتمكن من تخيل هذا الأمر او نستطيع أن ندرك كيف سيحدث هذا الأمر، نقول :
إن الله أودع في أعماق هذه البحار شقوقاً وصدوعاً وأماكن تتدفق منها الحمم البركانية المنصهرة لترفع درجة حرارة الماء إلى درجات عالية جدا وكأن الماء ترتفع حرارته ويتم إحماؤه بشدة، فهذا المشهد لا يمثل يوم القيامة إنما هو صورة مصغرة عن ذلك اليوم، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى أقسم بهذه الظاهرة الكونية العظيمة ظاهرة البحر المسجور.
قال الله تعالى:
) والْبَحْرِ الْمَسْجُور * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ(
سورة الطور: 6و7
اما متى تقوم الساعة فهذا الامر قد حسمه الله تعالى بقوله :
( هل ينظرون الا الساعة ان تاتيهم بغتة وهم لا يشعرون )
سورة الزخرف الاية\ 66
وهذا يدل على أن الله تبارك وتعالى يكلمنا عن يوم القيامة بلغة الحقائق العلمية، ولو تأملنا آيات القرآن الكريم نلاحظ أن هنالك الكثير من الآيات التي تتحدث عن هذا الأمر العظيم. فكلمة (البحار) أثناء الحديث عن يوم القيامة ذكرت مرتان في القرآن الكريم فقط،
الاولى في قوله تعالى في سورة التكوير:
(وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ)
سورة التكوير\ 6.
والثا نية في السورة التي تليها:
( وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَت(
سورة الانفطار الاية \ 3
ولوتأملنا هاتين السورتين سنرى إعجازاً في تسلسل مراحل هذا الانفجار، فنحن نعلم انا إذا درسنا فيزياء المياه وتركيب هذه المياه،حيث أن الماء يتألف من ذرتين من الهيدروجين وذرة واحدة من الأوكسجين، وعندما ترتفع درجة حرارة الماء إلى حدود (مئة مئوية) ، تتفكك هذه الذرات وتشكل مزيجاً غازياً شديد الانفجار وهذا ما يلاحظ حدوثه في المختبرات عندما قيامنا بوضع كمية من الماء في جهاز لنقوم بتحليله كهربائياً، نرى أن فقاعات الهيدروجين والأوكسجين تخرج وتتجمع، فهذا المزيج من الهيدروجين والأوكسجين، يقول العلماء عنه هو مزيج شديد الانفجار يعني يمكن أن ينفجر بأقل شرارة. وباسرع وقت فكيف بالبحار اذ ترتفع الاف الدرجات الحرارية اثناء هذه الظواهرالكونية العجيبة . ?
ولذلك فإن البحار الذي حدثنا الله تبارك وتعالى عنها وجعل قيعانها دائماً تتدفق منها الحمم المنصهرة وملايين الفوهات من البراكين وملايين الشقوق، وهنالك دائرة في قاع المحيطات يسميها العلماء دائرة النار، محاطة بحلقة كبيرة جداً تمتد لآلاف الكيلو مترات وتتدفق منها الحمم المنصهرة وكأننا نرى البحر يحترق أو يشتعل وفي هذا تثبيت لقول الله تبارك وتعالى:
( وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * )
سورةالطور \7
فانظروا كيف ربط البيان الإلهي بين البحر المحمَّى (المسجور) وبين عذاب الله للكافرين والجاحدين لنعمه بنار جنهم، وأن عذاب الله سيكون أعظم واشد من هذا المشهد بكثير، فعندما يأتي يوم القيامة سوف تشتعل البراكين في قاع المحيطات، وهذا ما يؤكده الان العلماء، وليس هذا كلاماً نظرياً، إنما هو كلام علمي، لأن هذه الألواح او الطبقات التي تغلف الأرض حيث اثبت العلماء ان قشرة الأرض رقيقة جداً، و أقل من 1% من قطر الأرض و هذه القشرة هي عبارة عن ألواح تتحرك باستمرار وكلما تحرك لوحان وابتعدا عن بعضهما تتدفق ملايين الأطنان من الصخور الملتهبة وبدرجة حرارتها آلاف الدرجات المئوية. وتتدفق بكثرة عبر هذ ه الشقوق والصدوع الموجودة في الارض . وسوف يأتي زمن هو يوم القيامة تضطرب فيه حركة هذه القشرة الأرضية، وبعد ذلك سوف تزداد هذه الصدوع وتتدفق كميات كبيرة مما يعني أن البحر ستبلغ درجة حرارته آلاف الدرجات المؤية وتتفكك هذه الذرات من الماء إلى عناصرها الاصلية (الأوكسجين والهيدروجين ) ويتشكل ذلك المزيج المتفجر الذي سينفجر بانفجاره كل شيء ثم ينتهي وبانفجاره يتحقق وعد الله تبارك وتعالى:
(وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ)
سورة الانفطار الاية \ 3
لو تأملنا أي انفجار ودرسناه فيزيائياً نلاحظ أن الانفجار لكي يحدث لا بد من ارتفاع في درجة الحرارة أي أن هنالك عملية تسخين أولاً، ثم يتبعها انفجار، وهذا ما حدثنا القرآن الكريم عنه: فقال في سورة التكوير أولاً:
(وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) ثم في السورة التي تليها قا ل تعالى :
(وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ )إذاً.. التسجير والإحماء وارتفاع درجة الحرارة أولاً.. ثم يليه التفجير. ولا انفجار من غير سخونة او احماء .
وليس في ترتيب هاتين الآيتين أخطاء علمية أو أنه كما يدعي الكافرون إن النبي صلى الله عليه وسلم أخطأ أو نسي فتارة يقول( فجّرت )وتارة يقول ( سجّرت) كما قال الجاهليون من قبل . بل هناك تسلسل علمي بينه الله تبارك وتعالى و أودعه لنا لعلنا نكتشفه قبل وقوعه وليكون دليلاً على صدق هذا القرآن العظيم وصدق حدوث يوم القيامة . ولذلك بعدما بين الله تعالى تلك الأحداث التي ستتم يوم القيامة من تكوير للشمس، وانكدار للنجوم، وتسجير للبحار....
يقول سبحانه وتعالى:
(علمت نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ) الاية\ 14
وفي سورة الانفطار التي تليها يقول الله تبارك وتعالى:
( إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ * يَا أَيُّهَا الْإ نْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ماشاء ركبك ) سورة الانفطار الايات\ 1-8
وهنا نأتي إلى الهدف من ذكر كل هذه الحقائق، و المخاطب دائماً بهذه الحقائق هو الإنسان ، لأن هذا الإنسان هو المعني بهذا الخطاب الإلهي ليتذكر يوم القيامة ويعد له العدة ، فالله تبارك وتعالى عندما يحدثنا عن هذ اليوم العظيم يحدثنا حتما عن حقائق علمية وظواهر كونية سوف تحدث، فالعلماء وما يكتشفونه من حقائق جميعهم يؤكدون أن هذه الظواهر ستحدث:
الشمس ستتكور على نفسها. وستبتلع القمر ليكون جزءا منها و النجوم سوف تنكدر وضمحل نورها وتنطفئ ثم تهوى وتختفي. والزلازل سوف تكثر والصواعق سوف تحدث فنحن اذا ألمت بنا عاصفة رعدية برقية ما طرة مصحوبة بهواء شديد كالتي تحدث اثناء امطار المزن اوالامطار الموسمية ربما نرتجف ونرتعد خوفا وهلعا من هول البرق وصزت الرعد وقصف الرياح العاصفة فكيف بنا اذا رأينا الزلازل تحدث والبراكين تنفجر وتقذف بحممها وتزداد درجات الحرارة الى ما لا يطاق ويحيط بنا الغمام من كل مكان ؟
اما حال الأرض فقد قال الله تعالى :
(فإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ)،
حيث أنه يوجد الآن براكين تحت البحار والمحيطات بعضها انفجر سابقا وليس بعيد علينا بركان ( ايسيلاند ) الذي انفجر قبل عشرة ايام ولايزال يقذف حممه وابخرته ودخانه الذي سد اقطار سماء اوربا كلها ووصل الى سماء تركيا في اسيا ولا يزال يتقد وانا اكتب هذه السطور . ويوم القيامة تتفجر هذه البراكين وبالتالي يخرج الحمم البركاني منها والذي يتألف من صخور ومعادن واتربة وغازات عالية الحرارة وشديدة و بما أن درجة حرارة هذه الحمم البركانية كبيرة جداً فإنها ترفع درجة هذه حرارة البحار والمحيطات و يبدأ ماء المحيطات بالتبخر - بعدما تتفجر وتغرق الارض وما فيها وتندك الجبال وما عليها في الارض فتغدو متساوية مستوية -و يتحول كل شيء إلى غمام في جو سماء الأرض.
قال الله تعالى :
( ويسالونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا *)
سورة طه \ 105و106
وقال الله تعالى :
(فارتقب يوم تاتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس...* )
سورة الدخان الايتان \10و11
وقال الله تعالى :
( فاذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الارض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهي يومئذ واهية * )
سورة الحاقة الايات \13-16
وقال الله تعالى :
( وسيرت الجبال فكانت سرابا *)
سورة عم \ 20
ويغشى الناس هذا الغمام الشديد أي يحيط بهم من كل جانب أي ان الانسان لا يرى غير الغمام والدخان محيط به من كل حدب و صوب و تختفي المحيطات و البحار يوم القيامة و تصبح الارض يابسة مستوية يتبخر كل ما فيها من ماء نتيجة خروج الحمم البركاني من تحتها لتكون مكانا لحشر الناس وحسابهم،
ومن هنا يفهم قول الحق تعالى :
(يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).
سورة ابراهيم الاية \48
حيث تبدل الأرض إلى أرض كلها يابسة مستوية غريبة عن معرفة الإنسان .
ويقول تبارك وتعالى:
(إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الاَرْضُ أَثْقَالَهَا )
سورة الزلزلة:الايتان \ 1-2
وفي ( أَثْقَالَهَا) هذه الكلمة التي تدل على أن في الأرض أشياء ثقيلة، ويؤكد العلماء انه كلما نزلنا في الأرض زادت كثافة المادة المكونة لها ، أي أن كثافة القشرة الأرضية أقل من الطبقة التي تليها او اسفل منها ، وكلما تعمقنا تزداد الكثافة إلى حدود كبيرة ولذلك يزداد ثقل هذه الطبقات، وهكذا نرى قول الله تبارك وتعالى:
(إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الاِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَها * يومئذ يصدر الناس اشتاتا ليروا اعمالهم *فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.* )
سورة الزلزلة
.
أي اذا نفخ اسرافيل- وهو الملك الموكل بهذه العملية - في بوقه باذن الله تعالى هلك كل من على الارض, الانسان والحيوان والجماد ودكت الارض والجبال دكة واحدة فاصبحت مستوية وتفجرت البحار وارتفعت درجات حرارة الماء الاف الدرجات . فسجّرت البحار جراء البراكين وتعالت الابخرة وسحب الدخان حتى لتملأ جو السماء والارض بكثافة عالية وتكون وقتها ان تكورت الشمس فابتلعت القمر وقيل ومعه كل كواكب المجموعة الشمسية وتهاوت النجوم وتساقطت , فيومئذ وقعت الواقعة وعاد الملك لله الواحد القهار كما بدأ الخلق.
قال الله تعالى:
( ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الارض الا ما شاء الله )
سورة الزمر الاية\ 68
ونجد في طيات هذه السورة القصيرة كل ما نبحث عنه وزيا دة
قال الله تعالى:
( القارعة * ما القارعة * وما ادراك ما القارعة* يوم يكون الناس كالفراش المبثوث * وتكون الجبال كالعهن المنفوش * اما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية * واما من خفت موازينه * فأمه هاوية * وما ادراك ما هي * نار حامية *).
سورة القارعة
والله تعـــالى اعلـــــم.
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
امير البيـــــــــــــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق - ديالى - بلـــــد روز
* * *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق